Translate

الجمعة، 13 سبتمبر 2013

مدخل اليات عمل العدالة الانتقالية

                                                          بسم الله الرحمن الرحيم
" اللهم انى استودعك ما علمتنى فردة لى عند حاجتى "
" اللهم انى اعوذ بك من علمٍ لا ينفع "
تقديم:تاتى اهمية موضوع أليات العدالة الانتقالية و المعوقات التى تؤثر علىيها بسبب اهميتها  للانتقال لمرحلة الاستقرار فى المجتمعات فى اعقاب الاحداث الاجتماعية الكبرى مثل الثورات ،الحروب الاهلية ، الاستقلال بعد احتلال ....الخ
حيث تعرف العدالة الانتقالية  بانها: " النشاط  الذى یركز على كیفیة معالجة المجتمعات ذات الارث المتراكم من انتهاكات حقوق الانسان الجماعية بصورها المختلفة سواء كانت جرائم ابادة جماعية او حرب اهلية ...الخ ، وذلك بغرض اقامة مجتمع اكثر ديمقراطية و سعياً للاستقرار السلمى للمجتمعات  "
او هى  : " مجموعة من الآليات و المماراسات التى تنشأ بعد فترة من الاضطرابات و الصراعات الاهلية أو القمع و تهدف بشكل مباشر لمعالجة انتهاكات حقوق الانسان فى الفترة السابقة  "
و يعتبر مفهوم  العدالة الانتقالية  من المفاهيم الغامضة أو الملتبسة خصوصاً  ، لاسباب كثيرة ، منها انة
-          مفهوم حديث النشأة
-         مفهوم قد يستخدم للتعبير عن مفاهيم ضمنية اخرى ، مثل المصالحة ،القصاص ، ...الخ
-         غموض ما يتعلق بالجزء الثاني  من المفهوم و هو "الانتقالية" Transitional
 و لمحاولة لرفع بعض الغموض عن مفهوم العدالة الانتقالية   يجب ان نجيب عن  التساؤلات التالية  : ما معنى العدالة ؟... ، ما معنى الانتقالية ؟...هل توجد عدالة انتقالية؟ وما الفرق بينها وبين العدالة التقليدية المرتبطة بأحكام القضاء واللجوء الى المحاكم بأنواعها ودرجاتها؟ 
 وهنا يمكن القول ان فكرة العدالة justice  قيمة مطلقة ولا يمكن انكاراها أو حتى تأجيلها تحت أي سبب كان  فضلاً عن كونها و سيلة التعويض المستقر عليها انسانياً.
حيث تعرف العدالة  :"أنها المساءلة والنزاهة في مجال حمایة المجتمع و الدفاع عن الحقوق و المعاقبة  على الأخطاء فالعدل يجب ان تراعى حقوق المتهم و مصالح الضحايا  فى المجتمع ككل"
 و العدالة الانتقالية تشترك مع العدالة التقليدية في إحقاق الحق واعادته الى أصحابه وفي كشف الحقيقة وفي جبر الضرر وتعويض الضحايا، خصوصاً لما له علاقة بالقضايا السياسية والمدنية العامة.
و العدالة قد تأخذ واحدة من الصور  النمطية التالية   و التى ترتبط بمضمون العدالة الانتقالية :-
-العدالة  التصحيحية Rectificatory  justice  :  و يقصد بها تصحیح المظالم الناتجة مباشرة عن الصراع  و هو المفهوم الأكثر ارتباطا بالعدالة الانتقالية
- العدالة التوزیعیة    distributive justice : تهدف لمعالجة الظلم الهيكلى و المنهجى و الثقافى و الذى يؤدى الى  عدم المساواه فى التوزيع  للمزايا المادية و المعنوية و غيابها فى كثير من الأحيان يكون سبب الصراع العنيف
- العدالة القانونیة     legal justice  : معالجة المظالم القانونیة، مثل التلاعب السیاسي للنظام القانوني، والفساد في السلطة القضائیة، وعدم الوصول إلى العدالة ، و هذه الصورة المعتمدة على النصوص  القانونية هى الاكثر ارتباطاً بالصورة التقليدية للعدالة
اما الانتقالية فتعنى  الفترات الانتقالية مثل:
-الانتقال من حالة نزاع داخلي مسلح الى حالة السلم
- الانتقال من حالة صراع سياسي داخلي رافقه عنف مسلح الى حالة السلم و الاستقرار
- الانتقال من حكم سياسي تسلّطي الى حالة الانفراج السياسي والانتقال الديمقراطي
- الانتقال من حكم منغلق ، الى حكم يشهد حالة انفتاح واقرار بالتعددية
- التحرر من احتلال أجنبي باستعادة أو تأسيس حكم محلي.
 و قد يمر المجتمع باحد او بكل هذه المراحل، و عندما  ترتبط بعض الاجراءات الاصلاحية الضرورية وسعي لجبر الأضرار لضحايا الانتهاكات الخطيرة وبخاصة ذات الابعاد الجماعية  تسمى مرحلة انتقالية
فالانتقالیة فى حد ذاتها  " تعبر عن الجهود المبذولة مباشرة بعد لحظة انتقالیة منفصلة (مثل تغییر النظام  أو عن طریق تفاوض لانهاء حرب اهلية او نظام قمعى ) من اجل تحقيق التحول مع الحفاظ على سلام المجتمع . .
و من هنا يتضح  أن العدالة الانتقالية  :"هى تكييف للعدالة على النحو الذي يلائم مجتمعات تخوض مرحلة من التحولات في أعقاب حقبة من تفشي انتهاكات حقوق الإنسان؛ سواء حدثت هذه التحولات فجأة أو على مدى عقود طويلة ."
و من هنا يعتبر مفهوم العدالة الانتقالية بين مفهومين هما العدالة والانتقال، بحيث يعني:" تحقيق العدالة أثناء المرحلة الانتقالية التي تمر بها دولة من الدول ،من خلال مجموعة من الاليات المتعددة يمكن اعتبارها استراتيجيات تحقق  برنامج عمل "
و برنامج تحقيق العدالة الانتقالية عادة ما يهدف لتحقيق مجموعة من الأهداف تشمل:
-وقف الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان .
- التحقيق في الجرائم الماضية؛ تحديد المسئولين عن انتهاكات حقوق الإنسان ومعاقبتهم
-  تعويض الضحايا؛ منع وقوع انتهاكات مستقبلية، الحفاظ على السلام الدائم،
- الترويج للمصالحة الفردية والوطنية.
 لتحقيق تلك الأهداف، تتطبق حزمة من الاستراتيجيات بعضها ذي صبغة قضائية و بعضها ذى صبغة سياسية، وهي :-
الدعاوى الجنائية  criminal  prosecutions  : وهى من منظور العدالة الانتقالية   "تشمل على تحقيقات قضائية مع المسئولين عن ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان؛  وكثيراً ما يركز المدعون تحقيقاتهم على من يعتقد أنهم يتحملون القدر الأكبر من المسؤولية عن الانتهاكات الجسيمة أو المنهجية..
لجان الحقيقة:     truth commissionsوهي هيئات غير قضائية تجري تحقيقات بشأن الانتهاكات التي وقعت في الماضي القريب، وإصدار تقارير وتوصيات بشأن سبل معالجة الانتهاكات والترويج للمصالحة، وتعويض الضحايا وإحياء ذكراهم، وتقديم مقترحات لمنع تكرر الانتهاكات مستقبلا. 
برامج التعويض أو جبر الضرر:    reparations  وهذه مبادرات تدعمها الدولة، وتسهم في جبر الأضرار المادية والمعنوية المترتبة على انتهاكات الماضي؛ وتقوم عادة بتوزيع خليط من التعويضات المادية والرمزية على الضحايا، وقد تشمل هذه التعويضات المالية والاعتذارات الرسمية. 
الإصلاح المؤسسي: institutional reform, وتستهدف إصلاح المؤسسات التي لعبت دورا في هذه الانتهاكات (غالبا القطاع الأمني والمؤسسات العسكرية والشرطية والقضائية.. وغيرها)، وإلى جانب تطهير هذه الأجهزة من المسئولين غير الأكفاء والفاسدينِ، غالبا ما تشمل هذه الجهود تعديلات تشريعية وأحيانا دستورية.
إحياء الذاكرة الوطنية الجماعية: كألية لإحياء ذكرى الضحايا والتأكيد المستمر على عدم الوقوع في نفس الأخطاء مرة أخرى ، وحتى تحتفظ الاحداث برمزيتها فلا تتحول الثورة الى مجرد احداث
ملاحظات بخصوص التطبيق
-         من خلال متابعة  تطبيقات العدالة النتقالية  ( كما سوف نعرض للتجارب التطبيقية )لوحظ انة  :" لا تعمل آليات ومناهج العدالة الانتقالية بصورة منفصلة عن بعضها البعض إنما تعمل وفق رؤية تكاملية فيما بينها وقد تكون مكملة لبعضها البعض.
فمثلا قد يعتبر البعض إن قول الحقيقة دون تعويضات خطوة بلا معنى، كما إن منح تعويضات مادية دون عمليات مكملة لقول الحقيقة والمكاشفة سيكون بنظر الضحايا محاولة لشراء صمتهم. كما إن تكامل عملية التعويض مع المحاكمات يمكن أن توفر جبرا للأضرار أكثر شمولا مما توفره كل على انفراد. وقد تحتاج التعويضات من جانب آخر إلي دعمها بواسطة الإصلاحات المؤسسية لإعلان الالتزام الرسمي بمراجعة الهياكل التي ساندت أو ارتكبت انتهاكات حقوق الإنسان.مع الأخذ في الحسبان إن النصب التذكارية غالباً ما تهدف إلي التعويض الرمزي والجبر المعنوي للأضرار
-         الرؤية التكاملية  تستدعى فى التطبيق مجموعة من المفاهيم الاخرى المساعدة مثل :-
O التدقيق     Vetting    :وهى عملیات فحص موظفي القطاع العام أو المرشحین للعمل العام لتحدید ما إذا كان سلوكهم  يفتقر لاحترام حقوق الأنسان و اذا كان فيتم استصدار مذكرات لأستبعادهم ، مع استبعاد البلاغات الكيدية
O العفو   Amnesty   :و هى الحصانة القانونية  التى قد تمنح للبعض من تبعات كل من  الجرائم السياسية و القانونية  التى حدثت فى العهد السابق بشروط يحددها برنامج المصالحة ( مثل فكرة الشاهد الملك فى مصر ).
O المسائلة  Accountability  : و يقصد بها هنا تحديد ادوار و مسؤليات  الأفراد المفترض انهم  المسئولين عن الافعال الرسمية التى تعد انتهاك لحقوق الأنسان
O الحصانة  ( الحماية ) Impunity : و هى الأفلات من العقوبة من انتهاكات حقوق الأنسان نتيجة  للفشل او استحالة  تقديم مرتكبى انتهاكات حقوق الأنسان الى العدالة  لاياً من الاعتبارات المتعددة و  لتحقيق العدالة يفترض تقديم محاولات لمنع هذا الوضع ( و قد وردت تلك الاجرائات فيما عرف بتقرير  من المبادئ المتعلقة بحمايه و تعزيز حقوق الأنسان من خلال مكافحة الأفلات من العقاب الذى قدم الى لجنة الأمم المتحدة لحقوق الأنسان فى 8 فبراير 2005 ) حيث قد يتعذر او يستحيل بحكم القانون او نظراً للامر الواقع اتخاذ عقوبات جنائية او ادارية بسبب مكانتهم المجتماعية ، على نحو يؤدى الى افلاتهم من العقاب لكن تحقيق العدالة يقتضى بالضرورة وجود تصور لعقابهم وتعويض ضحايهم
O المصالحة   Reconciliation    و هى" عملية _ ظاهرة _متعددة الأبعاد"،  تشمل العدید من العملیات لمعالجة العلاقات المتضاربة و المتصدعة  أو الأجرائات التى  تساعد فى حل الصراع المدمر و النتائج المترتبة عليه 
O سيادة القانون  Rule of Law     : " و هو كمبدأ  يقصد بة القدرة على اصدار الاحكام فى مواجهه  جمیع الأشخاص والمؤسسات والهيئات العامة والخاصة، بما في ذلك الدولة نفسهاا،  و الجميع مسؤولین أمام قوانین صادرة علنا، تطبق على الجمیع بالتساوي، والفصل فى القضايا بشكل مستقل ، وفقاً للمعاییر الدولیة ومعاییر حقوق الإنسان. و يتطلب كذلك اتخاذ تدابیر لضمان الألتزام بمبادئ سیادة القانون، والمساواة أمام القانون، والمساءلة أمام القانون، والعدل في تطبیق القانون، والفصل بین السلطات والمشاركة في صنع القرار والیقین القانوني، وتجنب التعسف والشفافیة الإجرائیة والقانونیة
و هكذا يتضح ان العدالة الانتقالية ليست مجرد مفهوم قانونى قائم على مجرد عقاب المخطئين بصورة فردية و تعويض المجنى عليهم  بل هى قائمة فى الاساس على ارادة سياسية تستهدف تحقيق التحول الديمقراطى من خلال برنامج واضح
التطور التاريخي للمفهوم وتطبيقاته
ظهرت ابرز الممارسات والتطبيقات المختلفة لمفهوم العدالة الانتقالية الحديث فى ثلاث مراحل هي:
المرحلة الأولى:- جاءت في أعقاب الحرب العالمية الثانية مباشرة، وتمثلت بشكل أساسي في محاكمات نورمبرج، تمحورت العدالة الانتقالية خلال هذه المرحلة حول فكرة التجريم والمحاكمات الدولية المترتبة عليها. وتمثلت أهم ميكانيزمات عملها في اتفاقية الإبادة الجماعية التي تم إقرارها، وإرساء سوابق لم يعد من الممكن بعدها تبرير انتهاك حقوق الإنسان باسم الاستجابة للأوامر. في هذه المرحلة، شكل مرتكبو انتهاكات حقوق الإنسان مركز الاهتمام في مساع تحقيق العدالة .
المرحلة الثانية :- ركدت جهود تحقيق العدالة الانتقالية أثناء الحرب الباردة  ( بعد الحرب العالمية التانية )واستمر ذلك حتى المرحلة الثانية والتي حدثت بعد انهيار الإتحاد السوفيتي والتغيرات السياسية المختلفة في دول أوروبا الشرقية وألمانيا وتشيكوسلوفاكيا، وفي هذه المرحلة تم تطبيق مفهوم مُسيس وذا طابع محلي أو وطني من العدالة الانتقالية ارتبط بالهياكل الرسمية للدولة، وهنا تجاوزت فكرة المحاكمات وتضمنت آليات أخرى مثل لجان الحقيقة، والتعويضات، أي إنه خلال هذه المرحلة صارت العدالة الانتقالية بمثابة حوار وطني بين الجناة والضحايا، وخلال هذه المرحلة برزت تجربة لجان الحقيقة في الأرجنتين وعدد من دول أمريكا اللاتينية وجنوب أفريقيا..
المرحلة الثالثة :- تطور المفهوم خلال الفترات الانتقالية التالية لحكم الدكتاتوريات العسكرية في أمريكا اللاتينية، جنوب أفريقيا بعد نظام الأبارتهايد وبعض الدول الأفريقية ودول شرق ووسط أوروبا في أعقاب الحرب الباردة. كان هناك توافق دولي على الحاجة لإجراءات العدالة الانتقالية للتعامل مع انتهاكات حقوق الإنسان الماضية، وهذا ما تزامن مع أهداف الدول والهيئات المانحة التي تطلبت وجود تطبيقا محكما لحكم القانون بما يسمح بالتنمية الاقتصادية .
و هكذا أعطت الموجة الثالثة للديمقراطية في أواخر الثمانينات وأوائل التسعينيات زخما وحافزا جديدا للعدالة الانتقالية، انتقل به من كونه مفهوما رابطا بين المرحلة الانتقالية للتحول الديمقراطي والعدالة (كما نشأ في أواخر الأربعينات)، إلى فضاء أوسع بحيث أضحى هذا المفهوم يتضمن منظورا أوسع يقوم على إعادة تقييم شامل للوصول بمجتمع ما في المرحلة الانتقالية إلى موقع آخر تعد الديمقراطية أحد أهدافه الأساسية..
ويعد إنشاء المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوجوسلافيا السابقة في 1993 بداية لمشهد سياسي جديد شمل المرحلة الثالثة للعدالة الانتقالية، إذ أدى تكرر النزاعات إلى تكرر حالات تطبيق تطبيق العدالة الانتقالية، كما ارتفعت الأصوات المنادية بالحد من الأخذ بمبدأ الحصانة ليصبح الاستثناء وليس القاعدة، وفي هذا السياق تم إنشاء المحكمة الجنائية الدولية الخاصة برواندا في 1994، ثم في 1998 تم إقرارا النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. وقد أثرت هذه التطورات في الكثير من اتفاقيات السلام التي عقدت بعد ذلك، والتي أشارت إلى المحاكمات الدولية باعتبارها جزءا من عملية التسوية السلمية؛ من ذلك اتفاقية أروشا المتعلقة ببوروندي، واتفاقية ليناس ماركوسيس الخاصة بساحل العاج.
وفي هذه المرحلة، التي لا تزال مستمرة حتى الآن تتم الإحالة دائما إلى القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى العودة لاستلهام نموذج محاكمات نورمبرج، لاسيما مع دخول ميثاق روما الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية لحيز التنفيذ في 2004 وإقرار وجود المحكمة كآلية دائمة لمحاسبة مرتكبي الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان.

اهمية  العدالة الانتقالية :-
دفعت العديد من الاسباب لتذايد اهمية العدالة الانتقالية فى اعقاب الصراعات و من ابرز هذه العوامل  :-
-        تغير طبيعة  وسائل الاعلام الاخبارية فى انحاء العالم
-        نمو حجم و تأثير دوائر حقوق الانسان و تعاظم دور المؤسسات الغير حكومية
-        وضوح المعايير الدولية بصورة متزايدة فيما يتعلق بجرائم ضد الانسانية
-        تغيير طبيعة الحرب فمنذ نهاية القرن العشرين كان اكثر من 90% من الصراعات العنيفة  فى العالم لا يدور بين الدول و لكن داخل الدولى
-        استهداف المدنيين كتكتيك فى الصراعات الداخلية و الاهلية  مما ا لزيادة موجات الانتهاكات بصورة مرتفعة للغاية
العدالة الانتقالية بين السياسة و القانون
و هكذا يبدو ان العدالة الانتقالية ليست مجرد مفهوم قانونى قائم على مجرد عقاب المخطئين بصورة فردية و تعويض المجنى عليهم  بل هى قائمة فى الاساس على ارادة سياسية تستهدف تحقيق التحول الديمقراطى من جهه و اصلاح الاخطاء و نتائج الجرائم فى الفترات السابقة ، و هذة الارادة ليست مجرد ارادة الجهاز السياسى و حدة  بل هى تعبر ايضاً عن ارادة الجماعات او الافراد التى تعرضت للانتهاك فى فترات ما قبل التحول
وبالتالى  فمفهوم العدالة الانتقالية ليس مفهوم قانونى ، ولكن كمفهوم سياسى ينتمى لمجال التنمية السياسية ، وقائم على تبادل التاثير و التأثر بين الانساق المجتمعية ، على نحو يكفل اتزان الحياة السياسية و استقرارها
مفهوم العدالة الانتقالية و التحول للديمقراطية
يرى البعض ان  اهداف العدالة الانتقالية  قد تندمج مع مطالب التحول الديمقراطى فى ثلاث عوامل مركزية :
1- تقوية الديمقراطية: فالديمقراطية لا يمكن أن تقوم إلا بوجود توافق بين مختلف الفاعلين السياسيين وهو الأمر الذي لا يتحقق إلا بمصالحة البلد مع ذاته وأبنائه. ذلك أن بناء أي مشروع ديمقراطي يقتضي إشراك الجميع بدون إقصاء أو تمييز وهو الأمر الذي لا يتم إلا من خلال إرساء ثقافة المحاسبة.
2- الواجب الأخلاقي في مواجهة الماضي: هناك واجبا أخلاقيا في معرفة انتهاكات الماضي، فنسيان الضحايا والناجين من الفظائع يعتبر شكلا من أشكال إعادة الإحساس بالظلم والإهانة. إذ من المستحيل تجاهل الماضي أو نسيانه – فهو دائما يطفو على السطح – لذلك من الأفضل إظهاره بطريقة بناءة وشفافة في إطار ما أمسى يطلق عليه اسم "فوران" الذاكرة حيث يغلي الغضب وعدم الرضى تحت سطح الحياة السياسية وبالتالي ينفلتان من وقت لآخر.
3- الارتباط بمعايير الديمقراطية وحقوق الانسان الدولية: يحضر هذا العامل بشكل قوي في اهداف الدول الاخذة في النمو على اعتبار أن نظام العولمة اليوم لم تعد تصدر فقط الجانب الاقتصادي بل تصدر معها عولمة سياسية يأتي في مقدمة مطالبها إقرار حقوق الانسان كما هو متعارف عليها عالمياً
قيود تطبيق  العدالة الانتقالية  
ترتكز العدالة الانتقالية على تصور مركزي مفاده أن المطالبة بالعدالة الجنائية ليست مسألة مطلقة، بقدر ما يجب أن تتم موازنتها بالحاجة إلى السلم والديمقراطية  والتنمية العادلة وسيادة القانون.
 و تواجه  فى هذا الاطار جملة من القيود العملية نستعرضها على النحو التالي:
-         وجود نقص في الموارد البشرية والمادية .
_ نظام قضائي ضعيف أو فاسد.
ـ_ انتقال ديمقراطي هشاو شكلى
-         وجود نقص في الأدلة الجنائية أو وجود عدد كبير من مرتكبي الأفعال أو عدد كبير من الضحايا.
اهم تجارب تطبيق العدالة الانتقالية   فى المنطقة العربية و الافريقية
-فى العالم العربى ، حيث يلاحظ إن أزمة العدالة والمحاسبة في العالم العربي بصفة عامة تعود بالدرجة الأولى إلى ضعف استقلال القضاء، وتبعية أجهزة النيابة العامة للسلطات التنفيذية، وتآكل الثقة بالقضاء الوطني بفعل الانقسامات الداخلية الحادة ، وغياب إرادة تسوية ملفات الماضي، وكشف الحقيقة، حيث أن معظم الدول العربية شهدت انتهاكات منهجية لحقوق الإنسان على مدار عقود ما بعد الاستقلال، وفي إطار سعيها الى التستر على ارتكابات الماضي، ومنح القائمين بها الحصانة القضائية، تتبنى بعض الحكومات ما يعرف بقوانين العفو، وتفرض تدابير صارمة ضد من يسعى الى انتقاد مثل هذه القوانين، والأغرب أنها تُسوق هذه القوانين إعلامياً باعتبارها مصالحة وطنية!
لذلك لا يبدو غريبا أن تتزايد تطلعات ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في المنطقة العربية إلى جهات دولية لانصافهم، كبديل عن عجز وعدم رغبة القضاء الوطني في محاسبة منتهكي حقوق الإنسان، وإقرار العدالة وحكم القانون. فقد شهدت المنطقة مؤخراً أهم سابقتين في هذا الإطار:-
-         الأولى هي تحويل ملف جرائم دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بناء على قرار من مجلس الأمن،
-         والسابقة الثانية هي تشكيل محكمة ذات طابع دولي لمحاكمة المتورطين في اغتيال رفيق الحريري، والتي تشكلت في سياق سياسي متأزم في لبنان، وفي أعقاب سلسلة من الاغتيالات التي طالت رموز السياسة والصحافة المنحازين إلى الاستقلال الوطني.
لقد فشل القضاء الوطني في كلا النموذجين في الخوض في المحاسبة، لعدم استقلاليته من ناحية، وعدم قدرته في بيئة منقسمة اثنيا وعرقيا وسياسيا على فتح ملفات من هذا القبيل، وأصبح تحدي العدالة في كلا البلدين جزءاً لا ينفصل عن النضال الديموقراطي في مواجهة أنظمة شمولية، و ضرورة لتحقيق السلام الداخلي الذي يتطلب العدل، وإنهاء ثقافة الإفلات من العقاب. فضلاً عن تجربة المغرب باعتبارها اهم التجارب العربية على الاطلاق و احد ابرز النماذج العالمية للعدالة الانتقالية و التى يسترشد بها احياناً
 حيث اصبحت وسائل العدالة الدولية هي تطور بشري وانتاج حضاري مشترك، وليست انتاجا غربيا، ولا بد من تعزيزها بدلا من تقويضها، لكنها لا يمكن أن تكون بديلة عن الآليات الوطنية للعدالة، والتي تعد العدالة الانتقالية احدى تجلياتها.

مع الاخذ فى الاعتبار ان تجربة الحالة الانتقالية هى نموذج خاص لكل مجتمع لا يجوز التصور باستنساخة و لكن يمكن الاسترشاد بالياته
اعداد: كريم محروس

هناك تعليق واحد:

  1. Harrah's Atlantic City - MapyRO
    777 Harrah's Blvd. Atlantic City, NJ 대전광역 출장마사지 08401 Directions 남양주 출장안마 · (609) 317-1000. Call Now 제주도 출장안마 · 김제 출장안마 More Info. Hours, Accepts Credit Cards, Wi-Fi,  Rating: 3 · ‎8 reviews · ‎Price range: $$$How is Harrah's 서귀포 출장마사지 Atlantic City rated?What days are Harrah's Atlantic City open?

    ردحذف