Translate

الجمعة، 13 سبتمبر 2013

التجربة الإندونيسية

استقال الجنرال سوهارتو  من منصبه كرئيس لإندونيسيا في مايو 1998 بعد 32 عاما من الحكم الاستبدادي. يقدم هذا التقرير استعراضا لآليات العدالة الانتقالية في فترة الإصلاح التي أعقبت ذلك. المعروف في اندونيسيا ب reformasi، بدأت  تلك العملية مع فترة من التغيير خطيرة و دقيقة وكان الأمل في أن يتم إنشاء نظم فعالة للمساءلة. وقد وضعت الحكومات المتعاقبة خلال الفترة التالية الأسس القانونية لعدد من لجان التحقيق، لجان الحقيقة والمصالحة، وكالات حماية الضحايا والشهود والمحاكم الدائمة لحقوق الإنسان، و المحاكم المتخصصة في حقوق الإنسان لحالات معينة. وقد تم إدراج حماية حقوق الإنسان في الدستور الوطني، و صدقت على الاتفاقيات الدولية، و تم انشاء محكمة دستورية و الغيت المقاعد الدائمة في المجلس التشريعي لقوات الأمن.
على الرغم من كل هذه التغييرات بالنسبة لهياكل حماية حقوق الإنسان، في لكن كانت هناك عراقيل باستمرار  و عدم رغبة حقيقية لكشف الحقيقة المحيطة بانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان وتقديم المسؤولين عن تلك الإنتهاكات للمساءلة عن أفعالهم. و قد اعاق هذا كثيرا مبادرات تقديم المساعدة والاعتراف بالضحايا و اصلاح المؤسسات مما قد يساعد على منع تكرار اي انتهاكات. و لكن من ناحية أخرى، ينبغي الاعتراف بأن عدد الجرائم الجماعية التي ارتكبت قد انخفض بشكل كبير خلال هذه الفترة. ومع ذلك، فشل المواجهة الحقيقة وتحقيق المساءلة يسهم في انخفاض مستويات الثقة في المؤسسات العامة، مما يساعد على ظهور الجناة المشتبه فيهم في أدوار جديدة وقوية، واستمر صدور تقارير عن انتهاكات خطيرة ارتكبها وكلاء الدولة ضد المدنيين في أماكن مثل بابوا واتشيه. هذا الفشل يخالف أيضا الالتزامات القانونية الدولية للحكومة الاندونيسية.
في الفترة الأولي من reformasi أو الإصلاح (1998-2000)، كان هناك عدة تحقيقات رفيعة المستوى. أجرت اللجنة الوطنية (كومناس هام) لحقوق الإنسان تحقيقا في جرائم ضد الإنسانية في تيمور الشرقية التي اتت بنتائج غير مسبوقة،  تثبت تورط كبار المسؤولين في قوات الأمن. وافق البرلمان على قانون إنشاء لجنة الحقيقة والمصالحة الوطنية (TRC)، وصيغت مجموعة من القوانين الجديدة الهامة. وقد تميزت الفترة الثانية (2001-2006) بآليات التسوية. برغم إجراء بعض التغييرات القانونية الهامة و وضع الآليات الجديدة ، كان هناك سوء تنفيذ للقوانين ذات الصلة ، بل انها لم تنفذ اصلا في بعض الأحوال، وأصبحت الآليات الجديدة للتسوية  لابد من اخذها على محمل الجد. فمحاكمات الجناة فشلت في تلك الفترة، أبطلت المحكمة الدستورية قانون لجنة الحقيقة و المصالحة الوطنية TRC، وأثبتت التحقيقات الرسمية أنهاغير فعالة. وقد تميزت الفترة الثالثة (2007-2011) بعودة أعضاء سابقين في قوات الأمن  ممن اصابهم العار إلى المسرح السياسي والتلكؤ في المساءلة عن الجرائم الجماعية. كما فشل مكتب المدعي العام في تقديم عدد من القضايا الهامة للمحاكمة.  و بالنظر لعدة تشريعات هامة، منها تلك التي تنشئ محاكم وطنية لحقوق الإنسان، و بالتالي تتطلب ان تقدم الجهات العسكرية بعض افرادها لمحاكمتهم في محاكم مدنية، وإنشاء لجنة حقيقة و مصالحة وطنية دائمة في آتشيه وبابوا ، فلم تنفذ ايا من تلك التشريعات. و على سبيل المثال، فإن حادث قتل  الناشط الحقوقي منير سعيد طالب على متن رحلة دولية، قد أظهر استمرار انعدام الإرادة للتصدي لتورط  مؤسسات الدولة في جرائم خطيرة ضد المدنيين.
لو نظرنا لكل تلك المبادرات بشكل منفرد، يمكننا أن نقول أن العديد من مبادرات العدالة الانتقالية والجهود المشروعة قد واجهت صعوبات غير متوقعة، مما أدى إلى فشل. ومع ذلك، فهي ككل، تمثل سلسلة من الآليات الفاشلة المتعاقبة لتشير إلى ان هناك عوامل نظامية تعمل باستمرار على تقوض الجهود المبذولة لتحقيق الحقيقة والمساءلة عن جرائم الماضي. هذا الفشل هو واضح في جميع المجالات الأربعة قيد النظر في هذا التقرير: البحث عن الحقيقة، والإجراءات القضائية، والتعويضات، وإصلاح النظام الأمني.
البحث عن الحقيقة
بدأت Reformasi بإنجازات هائلة مما أدى إلى الآمال العريضة في وضع نهاية للإفلات من العقاب منذ فترة طويلة نتيجة للانتهاكات الجماعية لحقوق الإنسان. الفريق الذي تم تكوينه للتحقيق احداث العنف في مايو 1998 و التي أدت إلى سقوط سوهارتو ، انتج بالفعل تحقيق حظي بمصداقية كبيرة وأوصى بمحاكمة عدد من كبار أفراد قوات الأمن. في حالة آتشيه وجد فريق تحقيق أخر أن "أعمال العنف التي قام بها الجيش تمثل شكلا من أشكال العنف الذي تمارسه الدولة، مما يعني ان هذا النوع من العنف المؤسسي قد تمت زراعته في الإقليم من قبل الدولة لضمان استغلال الموارد الطبيعية من اتشيه لصالح الحكومة المركزية والنخب الوطنية والمحلية.
ومع ذلك، فإن مبادرات تقصي الحقائق في الانتهاكات في وقت لاحق تحولت نحو حماية الشخصيات والمؤسسات القوية!!!. عندما اغتيل زعيم السكان الأصليين بابوا ديز إلواي في طريقه إلى منزله من وحدة في من القوات الخاصة للجيش (كوباسوس) في عام 2001، اجرت الرئيسة ميجاواتي سوكارنو بوتري تحقيقا بقيادة فريق به ضابط شرطة متقاعد، ولواء من الجيش. المحكمة العسكرية وجدت في نهاية المطاف سبعة جنود مذنبين، ولكن فقط  "بسوء المعاملة والضرب" . في عام 2002، أنشأت ميجاواتي فريق للتحقيق في العنف الديني في مالوكو و الذي أودى في نهاية المطاف بحياة 5000 شخص، ولكن لم يصدر التقرير ابدا في الأغلب لأن نتيجته قد تسلط الضوء على الدور المزعوم لقوات الأمن في تشجيع العنف . وبالمثل كان هناك  فريق يتألف من الجيش والشرطة و المسؤولين الحكوميين عين للتحقيق في حادثة وقعت في تاناه رونتوه ،وقعت في عام 2006، و لم تسفر تحقيقاته عن نتيجة ملموسة . وكان هذا الحادث جزء من سلسلة من أعمال العنف التي وقعت منذ عام 1998 ، و ادت إلى سقوط الآلاف من القتلى. قانون 26 لسنة 2000  منح (كومناس هام )( اللجنة الوطنية الإندونيسية لحقوق الإنسان ) القدرة على إجراء تحقيقات ، وتحديد ما إذا ارتكبت جرائم ضد الإنسانية أو جرائم إبادة جماعية ، و بناءا عليه التوصية بالتحقيق والملاحقة القضائية لمكتب النائب العام . ومع ذلك ، في خمس قضايا رئيسية من الانتهاكات الجماعية التي قدمت مثل هذه النتائج ، لم يفعل النائب العام  AGO شيئا ، مدعيا أن الملفات كانت ناقصة إداريا. وبالإضافة إلى ذلك ، فقد اختلف النائب العام مع اللجنة الوطنية  الإندونيسية لحقوق الإنسان في وجهات النظر  بشأن الإجراءات الواجب اتباعها في الحالات التي حدثت قبل القانون 26 . وقد ظلت هذه الحالات في مأزق قانوني ، و قد استمر  هذا الوضع لسنوات دون أي محاولة جادة من قبل الحكومة لحل تلك الإشكالية. أجرت اللجنة الوطنية لمكافحة العنف ضد المرأة ( كومناس بيريمبوان ) عدد من الدراسات في حالات الاغتصاب المنهجي وغيرها من الانتهاكات المرتكبة ضد النساء في النزاعات في المناطق المختلفة . ومع ذلك ، على الرغم من النتائج القوية التي ادانت مسؤولين حكوميين وعسكريين في انتهاكات واسعة النطاق  و حالات اغتصاب ممنهجة، لم تعرض قضية واحدة أمام محاكم حقوق الإنسان . لجنة إندونيسيا و تيمور الشرقية الثنائية للحقيقة والصداقة التي حققت في الانتهاكات التي ارتكبت في تيمور الشرقية في عام 1999 أجرت سلسلة من جلسات الاستماع العامة  و التي سببت إشكالية عندما منحت الجناة المزعومين فرصة لعرض غير قابل للتصديق ،و دون منازع للأحداث أمام وسائل الإعلام الوطنية . على الرغم من هذا ، وجدت اللجنة أن الميليشيات التي ارتكبت جرائم ضد الإنسانية ، بما فيها القتل والاغتصاب ، والتعذيب ، كانت تعمل بمشاركة ودعم من الجيش الاندونيسي والشرطة و السلطات المدنية . و قد مثل قبول التقرير من قبل الرؤساء في كلا البلدين تحولا هائلا من النفي الرسمي السابق للمسؤولية في اندونيسيا عن الانتهاكات . ومع ذلك ، و بدلا من اتخاذ خطوات إيجابية نحو تحقيق قدر من المساءلة عن تلك الجرائم ، كان هذا بمثابة اتفاق غير رسمي على إغلاق الباب أمام العدالة عن انتهاكات تيمور ، مما يحرم الضحايا  من الحق القانوني الدولي و حصولهم على جبر فعال و مناسب. نشطاء حقوق الإنسان الذين دعوا لإنشاء لجنة للحقيقة وطنية ،أصيبوا بخيبة أمل عندما أبطلت المحكمة الدستورية قانون لجنة المصالحة الصادر في عام 2006. وقد تم إعداد مشروع قانون جديد، ولكن أولئك الذين يعارضون كشف الحقيقة فيما يتعلق بأحداث 1965-بما في ذلك قتل ما يصل الى مليون اندونيسي من المرجح أن يعارضوا إقراره. وأدرج انشاء لجنة اقليمية للحقيقة و المصالحة الوطنية لإقليم آتشيه في كل من مفاوضات السلام والقانون ادارة الإقليم، ولكن لم ينفذ ذلك فيمابعد. كما أدرج انشاء لجنة اقليمية للحقيقة و المصالحة الوطنية لبابوا  ايضافي قانون الحكم الذاتي الخاص بالإقليم، ولكن هذا لم يتحقق أيضا. وقد توقفت تحقيقات تقصي الحقائق الفعالة مرارا وتكرارا بسبب  تعيين الأفراد الذين ينظر إليهم بمنظور عدم الموضوعية، مثل أفراد من قوات الأمن عندما تم تكليفهم بالتحقيق في انتهاكات زملائهم. وبالإضافة إلى ذلك، لم تخرج للنور نتائج عدد من التحقيقات،  كما في حالة اغتيال منير، عندما اصبح عدم نشر التحقيق يخالف المرسوم الرئاسي الذي أنشأ آلية تقصي الحقائق ذاتها. وقد ذكر شهود عيان وضحايا  تعرضهم للتخويف والتهديد في عدد من تحقيقات تقصي الحقائق ، بما في ذلك  تحقيقات اللجنة الثنائية للحقيقة والصداقة.
ورفض مسؤولون عسكريون كبار مرارا التعاون في تحقيقات تقصي الحقائق الرسمية، بما في ذلك عدم الامتثال لاستدعاء صادر عن اللجنة الوطنية الإندونيسية لحقوق الإنسان وحتى من الرئيس سوسيلو بامبانج يودويونو في التحقيق المتعلق باغتيال منير تحديدا، دون أي تداعيات.  الإستجابة لدعوة اللجنة الوطنية الإندونيسية لحقوق الإنسان للمساءلة، هي جزء من القانون الوطني. وعلى الرغم من هذا، فقد صرح وزير الدفاع للصحافة ان اللجنة ليس لديها الحق في اجبار المتقاعدين العسكريين للمثول للتحقيق.
الإجراءات القضائية
في وقت مبكر من فترة الإصلاح ، تم اصدار قانون 26 لسنة 2000 بنية قانونية وطنية للتعامل مع الجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية، وأنشئت أربع محاكم إقليمية دائمة لحقوق الإنسان.
ومع ذلك، بعد 13 عاما تم تأسيس محكمة واحدة فقط و هي محكمة (ماكاسار) لنظر قضية أبيبورا (بابوا) . وبالإضافة إلى ذلك، أنشئت محاكم خاصة بحقوق الإنسان لنظر الحالات التي وقعت قبل صدور القانون. كما تم إنشاء محاكم خاصة لجرائم تيمور الشرقية وتانجونج بريوك. كان واحدا من شروط اتفاق السلام أتشيه في هلسنكي أن يتم إنشاء محكمة لحقوق الإنسان لإقليم آتشيه، ولكن هذا لم ينفذ. وبالإضافة إلى ذلك، اشتمل قانون الحكم الذاتي الخاص لبابوا على انشاء محكمة حقوق إنسان لبابوا، ولكن هذا لم يتم ايضا.
لقد استهلكت التحقيقات والمحاكمات في قضايا حقوق الإنسان الوقت والموارد، وانخفاض ضغط الرأي العام على المدى القصير من أجل العدالة، ولكن في النهاية لم تسفر عن نتائج ملموسة. من 34 أشخاص متهمين في قضايا مختلفة، أدين 18 فقط وحتى أنهم برأت ساحتهم في وقت لاحق في الاستئناف، مما نتج عنه نسبة صفرية للإدانة. في حالة تيمور الشرقية تم اتهام 18، ستة تمت ادانتهم في المحاكمات، و تم تبرئة الكل في الاستئناف. في حالة بريوك تانجونج تم اتهام 14، 12 أدينوا في المحاكمات، وبرأت ساحة الجميع في الاستئناف. في قضية أبيبورا (بابوا) و التي تم تداولها من قبل محكمة حقوق الإنسان الدائمة في ماكاسار، تم اتهام اثنين فقط من المشتبه بهم، على الرغم من حقيقة أن اللجنة الوطنية الإندونيسية لحقوق الإنسان وجدت غيرهم الكثير من المتهمين، و لكن في النهاية برئ  كل منهم على حد سواء. دور المحاكم العليا، لا سيما المحكمة العليا، في اسقاط كل الإدانات في قضايا حقوق الإنسان لم يخضع للتدقيق  و التحقيق الجدي الذي يستلزمه.
وفيما يتعلق بحالات  المحاكمات الخمس المذكورة سابقا في التي أوصت بها (كومناس هام )، فلم يتخذ النائب العام أي إجراء حيالها و لم تنشأ أي محكمة خاصة .هذه الحالات هي تريساكتي- I-II Semanggi ، Wasior وامينا (بابوا)، Talangsari، والعنف  في مايو 1998، والاختفاء القسري للنشطاء 1997-1998.
في اندونيسيا أعضاء القوات المسلحة المتورطين في جرائم خطيرة تقليديا يتم التعامل معهم من قبل نظام العدالة العسكرية الذي يشمل كلا من المحاكم العسكرية و المحاكم المدنية /العسكرية ( koneksitas ) . ينص قانون 2004 بشأن القوات المسلحة ( القوات المسلحة الوطنية الإندونيسية ) على أن أفراد القوات المسلحة عليهم المثول للمحاكمة في محاكم مدنية بتهمة ارتكاب جرائم مزعومة ضد المدنيين ، ولكن حتى الآن هذه الأحكام لم تنفذ . وقد حاكم النظام العسكري بعض الجنود عن الانتهاكات المرتكبة ضد المدنيين . ومع ذلك ، فقد فشلت هذه الآليات مرارا بسبب مسؤولية كبار القادة في نطاق واسع من الجرائم المنهجية التي يرتكبها مرؤوسيهم . في عدد من الحالات تمت محاكمة جنود من ذوي الرتب المتدنية في المحاكم العسكرية ، و تلقوا عقوبات مخففة نسبيا ،  وسمح لهم بالاستمرار في خدمة ، و حتى  حصولهم على الترقيات المختلفة استمر بشكل طبيعي.
وعلى النقيض من عدم التوصل إلى نتائج في إندونيسيا ، تم اصدار عدد من الأحكام الناجحة ضد أفراد قوات الأمن الإندونيسية و وكلائهم في ولايات قضائية أخرى . في الولايات المتحدة، أصدرت محكمة حكما بسداد14 مليون دولار ضد اللواء Sintong Panjaitan إلى والدة ضحية لمذبحة عام 1991 و التي قتل خلالها ما يقدر بنحو 200 مدني في ديلي ، تيمور الشرقية . ومع ذلك ، لا يمكن لهذا الحكم ان ينفذ  إلا إذا دخل هذا الرجل تحت طائلة القضاء الأمريكي . في المحاكمات التي تمت تحت اشراف الأمم المتحدة في تيمور الشرقية ، أدت 55 محاكمة إلى 84 إدانة و  خلال نفس الفترة كان هناك فشل تام في جاكرتا بشأن الأحداث نفسها .
وقد ساهم تقاعص المدعين العامين فيما يخص الالتزام بالتصدي لجرائم مسؤولي الحكومة في فشلهم في في الحكم في اي قضية في محاكم حقوق الإنسان . ويتضح ذلك من عدم رغبتهم في متابعة توصيات كومناس هام للتحقيق في حالات الانتهاكات الجسيمة ، و لوائح الاتهام الضعيفة في القضايا التي يتابعونها، و عدم اتخاذ أي إجراء بشأن مزاعم تخويف الشهود و ملاحقتهم . في محاكمة الجنرال آدم الضميري في المحكمة الخاصة بتيمور الشرقية  ، جادل المدعون أن المتهم ينبغي تبرئته. القضاء الإندونيسي ضعيف وفاسد بشكل ملاحظ ، و محاكم حقوق الإنسان ليست  استثناءا . على الرغم من الخطاب المستمر حول الإصلاح ، لم تتخذ حتى الخطوات الأولى و السهلة نسبيا على هذا الطريق . على سبيل المثال ، لا تطلب كتابة الأحكام بدقة ، مما لا يساعد على التحليل في وقت المناسب للتعليل القانوني والتدقيق على أداء القضاة .
التعويضات و جبر الضرر:
القوانين  الممررة خلال فترة الإصلاح وفرت أساس قانوني لجبر الأضرار، وفي عام 2006 تم إنشاء وكالة حماية الشهود والضحايا (LPSK). ومع ذلك، مرة أخرى، عدم وجود دعم وو تطبيق فعلي ،كل ذلك قوض الإصلاح القانوني وإنشاء الآليات اللازمة له.  ولم تتلقى الوكالة سوى موارد محدودة، مما جعل من تفعيلها و تنفيذ آلياتها امرا مستحيلا. وقد حرم باستمرار من الحقوق ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان و الذين توجب تعويضهم عنها.استثناء الوحيد هو المساعدة المقدمة من قبل وكالة إعادة الإدماج التي أنشئت كجزء من عملية السلام  في اقليم اتشيه للمجتمعات والأفراد بعد انتهاء الصراع في اتشيه. ومع ذلك، بدلا من استهداف على وجه التحديد الضحايا، فقد تم توزيع تلك الصناديق على المجتمعات المحلية في شكل مساعدات للتنمية.و بالتالي فرصة هامة لتقديم تعويضات مجدية للضحايا ، لم تتحقق بالكامل. وزعت الوكالة أيضا بصيغة إسلامية التعويضات في شكل الدية باعتبارها، دفعة واحدة مباشرة لعدد كبير من الضحايا في اتشيه. و كان لهذا مساهمة إيجابية، ولكن لم يتم التعرف  مرة أخرى  على ظروف هذه الانتهاكات ودور الضحايا و لم يلعب هذا  دورا كبيرا في تنفيذ البرنامج.
إصلاح نظام الأمن (SSR):
بدأت فترة الإصلاح بإحراز تقدم حقيقي في إصلاح قطاع الأمن،بفصل الشرطة عن الجيش و ابعادهم عن اي دور سياسي رسمي، بما في ذلك حصة مضمونة من المقاعد في البرلمان. على الرغم من أنه كان هناك ارتفاع في العنف في السنوات الأولى من الإصلاح (1998-2000)، و لكن عدد  انتهاكات حقوق الإنسان قل نسبيا (مع استثناء بابوا)، خاصة بعد  ان  فسحت الصراعات في آتشيه، سولاويسي، ومالوكو الطريق أمام السلام واكتسبت تيمور الشرقية استقلالها. ومع ذلك، كما هو الحال في مجالات أخرى من العدالة الانتقالية،  فبعد وقت هين ، تباطأ هذا التقدم الأولي ، ثم توقف تماما.  لم يتحقق في اندونيسيا إشراف مدني حقيقي على الجيش من قبل السلطة التنفيذية أو التشريعية. مع عدم وجود التدقيق  الحقيقي ،فإن أفراد الأمن الذين ارتبطوا بجرائم خطيرة، بما في ذلك الأفراد المتهمين من قبل محكمة تدعمها الامم المتحدة في تيمور الشرقية وحتى بعض المدانين في المحاكم العسكرية الإندونيسية، ظلوا يعملون، و في كثير من الحالات تلقوا المزيد من الترقيات.
لا يمكن فصل غياب التدقيق هنا عن عدم المساءلة التي نوقشت في قسم الإجراءات القضائية. الجهد المبذول للتعامل مع نظام قضاء عسكري غير فعال مغلق من أجل نقل الاختصاص إلى المحاكم الجنائية المدنية قد باء بالفشل  بسبب مقاومة الجيش و التضيق على السلطتين التنفيذية والتشريعية. وأخيرا، على الرغم من أن العديد من الشركات التي كانت تمتلكها القوات المسلحة قد تم بيعها، فقد فشلوا بالوفاء بالموعد النهائي 2009 التي نص عليها القانون لتنهي ملكيتها لجميع الشركات و الأعمال،  سواء القانونية أو الغير قانونية.
من تقريربعنوان : " العدالة الإنتقالية الخارجة عن مسارها منذ سقوط سوهارتو في اندونيسيا"
تقرير مشترك للمركز الدولي للعدالة الإنتقالية و اللجنة الخاصة بالأشخاص المختفين و ضحايا العنف،
 في مارس 2011
“derailed transitional justice in Indonesia since the fall of soaharto”

On March 2011, a joint report by ICTJ and Kontras
ترجمة: سعيد عز الدين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق