Translate

الأحد، 10 نوفمبر 2013

متى سنبدأ المرحلة الإنتقالية؟؟؟؟

متى سنبدأ المرحلة الإنتقالية؟؟؟؟
هذا السؤال يؤرقني منذ فترة. فالممارسات الديمقراطية المستنزفة لطاقات الشعب المصري و المفرغة لطاقاته، من خلال الأعراس الديمقراطية الزائفة الخمس التي عاصرناها جميعا، بالتأكيد لم تحقق آمال و طموحات شعبنا العظيم.
فهل سنستمر في استخدام نفس الآليات، و ننتظر نتائج مختلفة؟؟؟ و هل من اصابهم الهم اليوم على ضياع اوقاتهم في الطوابير أمام صناديق الإقتراع، سيشاركون بنفس الحماس، في اي اقتراع قادم؟؟؟ بالتأكيد لا
و ما هو تعريف المراحل الإنتقالية في حياة الشعوب؟؟؟ وكيف يمكننا وضع حجر أساس البدء في المرحلة الإنتقالية في مصر؟؟
لقد هالني ما سمعت من الرئيس المعزول محمد مرسي، عندما قال :" لقد انتهينا من المرحلة الإنتقالية، و اجرينا انتخابات رئاسية، و خرج الشعب ضد رئيس الجمهورية، و لكن كان علينا الإنتظار لنعزله بانتخابات بعد أربع سنوات!!!".....
هالني ما قاله، لأنني لا ادري ما هو مفهوم مراحل الإنتقال عند الدكتور مرسي؟
ان اي مرحلة انتقالية في اي دولة مرت بما مررنا به من انتهاكات و قمع و اهمال و تجهيل ضد شعب كامل، سواء في عصر مبارك او من تبعه من شركاء له من المنتفعين ، تتطلب الكثير من الآليات التي لم اجد تطبيقا لأي منها الآن! لذلك لا اعتبر اننا بدأنا اصلا المرحلة الإنتقالية .
تؤسس المراحل الإنتقالية في حياة الشعوب على أكبر أرضية مشتركة ممكنة بين ابناء هذا الشعب. أرضية مشتركة من الأحزان و الآلام و الذكريات الجميلة في الماضي و المخاوف و الأحلام و الأهداف و الطموحات في المستقبل من ناحية أخرى.
بمعنى آخر ، نشترك جميعا في محورين: المحور الزمني الرابط بين الماضي الممتد من ميلاد كل منا، و حتى هلاكه، و المحور الشعوري الذي يمتد من الظلام و البكاء و الحزن، و حتى النور المتمثل في الضحك و الفرح بتحقيق الأهداف و الآمال و الطموحات.
تلك المحاور تناولها بالشرح تفصيلا في وقت سابق، الإمام و العالم الجليل/ محمد متولي الشعراوي عندما قال عن المحور الزمني:
الحياة هي قيام الموجود بما يؤدي به مهمته، فحياة الإنسان فيها حركة وحس وجري، ثم هناك حياة ثانية في الحيوان، وحياة ثالثة في النبات، وحياة ذات طابع مختلف في الجماد. مثلما علمونا في المدارس حين كان المدرس يمسك بقضيب ممغنط ليجذب برادة الحديد، حتى الحديد الصلب فيه لون معين من الحياة. وكلنا رأينا في المدارس الأنبوية الزجاجية التي وضعوا فيها برادة الحديد وكيف تتأثر بقضيب المغناطيس. وتعتدل وتصير في مستوى واحد، وهكذا نعرف أن الحياة هي الطاقة الموجودة في كل كائن ليؤدي مهمته حتى الأحجار تختلف فيها أشكال الحياة، فهناك حجر يأخذ شكل الرخام، وآخر المرمر، وكل لون من الأحجار له شكل من أشكال الحياة.
ونقرأ في القرآن: {لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ ويحيى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ} [الأنفال: 42].
وجاء الحق بمقابل الهلاك وهو الحياة؛ فالهلاك ضد الحياة والحياة ضد الهلاك، ويقول سبحانه في آية أخرى(كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ) 
ثم تناول المحور الشعوري ايضا عندما قال:
كما قال الحق سبحانه و تعالى في سورة الأنعام:" و جعل الظلمات و النور".... فالظلمة أمر عدمي و سلبي، بينما النور أمر ايجابي، و النور يبدد الظلمة بشكل عام.
و لقد استوقفتني و أنا في طريقي للعمل صباحا آيات سورة النجم التي كان يتلوها الشيخ مصطفى اسماعيل في إذاعة القرآن الكريم بصوته الجميل: "(وأنه هو أضحك وأبكى ( 43 ) وأنه هو أمات وأحيا )( 44 ).
نعم لقد جاءت تلك الآيات العظيمة بوضوح لترسم لنا تلك المحاور.
من الناحية العلمية، تناولت العلوم السياسية تجارب شعوب شرق اوروبا و امريكا الجنوبية في التحولات الديمقراطية و مراحل الإنتقال بتحليل ادى إلى وضع أسس لآليات محددة للعمل، تناسب تلك المراحل. و قد تم تسمية تلك الآليات بمحاور "العدالة الإنتقالية".
تتلخص تلك المحاور في خمسة مراحل للتطبيق، كل محور منهم يتم تناوله في مرحلة ما ثم ننتقل بعدها لما يليه، و هي:
1-      لجان الحقيقة المحايدة و النزيهة و التي لا يتم تكوينها من خلال حزب أو سلطة بشكل منفرد، و انما هي لجان لا يطمح اعضاؤها لأي منصب او مكاسب من اي نوع. تبدأ تلك اللجان رحلة البحث عن الحقيقة و تحديد اماكن و اوقات الإنتهاكات و الجناة و الضحايا بدقة عن طريق جمع الأدلة و شهادات الشهود. و عندما يستقر ضمير كل لجنة على ما وجدت ، تشرع في كتابة تقريرها.
2-      تستخدم تقارير تلك اللجان في المحور الثاني المسمى "الملاحقة الجنائية" و الذي يشمل الإستناد للقانون القائم في الدولة إلى جانب تكوين محاكم خاصة للجرائم الغير منصوص عليها ، مثل تهمة مبارك الكبرى بإهمال و تجهيل شعب كامل و بشكل ممنهج.
3-      ايضا بناءا على تقارير لجان الحقيقة ، يتم جبر ضرر الضحايا سواء بالطرق المادية مثل التعويضات أو المعنوية مثل اطلاق اسامي الشهداء على الشوارع و الميادين، مثل ما فعل اصدقاء جابر جيكا ، فقد جمعوا توقيعات و نجحوا في تسمية شارع باسمه في النهاية تخليدا لذكراه.
4-      يأتي بعد ذلك اصعب المحاور و هو الإصلاح المؤسسي و الذي يشمل المؤسسات المعنية بالأساس بالإنتهاكات السابقة ، مثل الشرطة و القضاء و الإعلام و غيرها .
5-      إذا تحققت المحاور السابقة، نأتي لمحور انهاء عملية العدالة الإنتقالية بالوصول لمصالحة وطنية شاملة، تحقق السلم المجتمعي المستدام من جديد.
هنا نستطيع ان نقول اننا انهينا المرحلة الإنتقالية، و اهلا بغزوات الصناديق....لكن قبل ان يتم كل ما سبق، فنحن نحرث الماء. و يمكننا تلخيص ما نفعله بالإكتفاء بالإقتراعات المتتالية، بالمعادلات البسيطة الآتية:
إذا اردت تحقيق الهدف A باستخدام الطريقة B فحصلت على النتيجة C.....فانزعجت من تلك النتيجة و راجعت نفسك و حددت الهدف من جديد و هو A، ثم اعدت استخدام نفس الطريقة للوصول إليه B ، فإنك حتما ستصل من جديد ل C.
  و إذا جمعنا ما سبق من معادلات، سنكون حصلنا على 2C ، أو بمعنى آخر CC، و ستظل تحكمنا البدلة العسكرية.
أعلم تماما ان من حق الرجل الترشح للرئاسة كمواطن مصري، لكنني اشفق على وطني منا، فنحن لا نأخذ بالأسباب ، و ننتظر المعجزات....
فهل يعي الرئيس المؤقت ان عليه الإهتمام بالعدالة الإنتقالية قبل اي اقتراع هزلي؟؟؟ ام انه يشترك في تخديرنا من جديد بوزارة للعدالة الإنتقالية لا تفعل شيئا سوى التأكيد في المحافل الدولية على الإلتزام بخارطة طريق لا تحتوي على محور واحد من محاور تلك العدالة السابق ذكرها؟؟؟ 

بقلم: سعيد عز الدين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق